الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
قال في ص 138 :فألتزموا (أي المعتزلة) لذلك أن لا يكون لله علم، ولا قدرة، وأن لا يكون متكلمًا قام به الكلام، بل يكون القرآن وغيره من كلامه تعالى مخلوقًا خلقه في غيره، ولا يجوز أن يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة. ولا هو مباين للعالم، ولا مجانبه، ولا داخل فيه، ولا خارج عنه، ثم قالوا أيضًا: لا يجوز أن يشاء خلاف ما أمر به ولا أن يخلق أفعال عباد ولا يقدر أن يهدي ضالًا أو يضل مهتديًا، لأنه لو كان قادرًا على ذلك وقد أمر به، ولم يعن عليه لكان قبيحًا منه، فركبوا عن هذا الأصل التكذيب بالصفات والقدرة، إلى أن قال: وأصل ضلالهم في القدر أنهم شبهوا المخلوق بالخالق سبحانه، فهم مشبهة الأفعال. وأما أصل ضلالهم في الصفات، فظنهم أن الموصوف الذي تقوم به الصفات لا يكون إلا محدثًا. وقولهم من أبطل الباطل فإنهم يسلمون أن الله حي عليم قدير، ومن المعلوم أن حيًا بلا حياة وعليمًا بلا علم وقديرًا بلا قدرة، مثل متحرك بلا حركة، وأبيض بلا بياض، وأسود بلا سواد، وطويل بلا طول، وقصير بلا قصر، ونحو ذلك من الأسماء المشتقة التي يدعى فيها نفي المشتق منه وهذه مكابرة للعقل، والشرع، واللغة. فائدة: ليس ما علم إمكانه جوز وقوعه! فإنا نعلم قدرة الله على قلب الجبال ذهبًا ونحو ذلك، لكن نعلم أنه لا يفعله إلى غير ذلك من الأمثلة. فائدة: دليل النبوة يحصل بالمعجزات، وقيل : باستواء ما يدعو إليه وصحته وسلامته من التناقض، وقيل لا يحصل فيهما، والأصح أن المعجزة دليل، وثم دليل غيرها. فإن للصدق علامات، وللكذب علامات. فمن العلامات سوى المعجزة النظر إلى نوع ما يدعو إليه، بأن يكون من نوع شرع الرسول قبله، فإن الرسالة من لدن آدم إلى وقتنا هذا لم تزل آثارها باقية، وذكر منها علامات كثيرة يرحمه الله رحمة واسعة والمسلمين. فائدة: إذا وجب عليه الإيمان فآمن، ولم يدرك أن يأتي بشرائع الإيمان كان كامل الإيمان، بالنسبة إلى الواجب عليه. وإن كان ناقصًا بالنسبة لمن هو أعلى منه. مثاله من آمن فمات قبل الزوال مثلًا مات مؤمنًا كامل الإيمان الواجب عليه. لكنه من دخلت عليه الأوقات وصلى أكمل إيمانًا منه. فمن ذلك علم أن نقصان الإيمان على نوعين: أحدهما: ما يلام عليه. الثاني: ما لا لوم فيه. كهذا المثال. قلت: وأما من عجز عن إكمال عمل بعد أن أتى بما قدر عليه منه، فالظاهر أنه كمن فعله، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: كتب له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا) الأول: بحسب ما قام بقلبه من محبة الله ومحبة ما يقرب إليه، فهذا الأجر يشركه فيه الفقير إذا نوى نية صحيحة. والأجر الثاني: دفع حاجة المدفوع له، فهذا لا يحصل للفقير والله أعلم. وبذلك انتهى ما أردنا نقله من شرح الشيخ رحمه الله على عقيدة الأصفهاني. فائدة: من الجزء الأول من (بدائع الفوائد) لابن القيم ص 159 ما ملخصه: ما يجري صفة أو خبرًا عن الرب تعالى. أقسام: الأول: ما يرجع إلى الذات نفسها كالشيء، والموجود.
الثاني: ما يرجع لصفات معنوية، كالسميع العليم. الثالث: يرجع إلى أفعاله كالخالق. الرابع: يرجع للتنزيه المحض المتضمن كالقدوس السلام. الخامس: الاسم الدال على أوصاف عديدة كالمجيد العظيم الصمد. السادس: ما يحصل باقتران الاسمين أو الوصفين كالغني الحميد، فإن الغنى صفة مدح، وكذلك الحمد فله ثناء من غناه، وثناء من حمده وثناء منهما. ويجب أن يعلم هنا أمور: الأول: ما يدخل في باب الإخبار أوسع مما في أسمائه، وصفاته، فيخبر عنه بالموجود والشيء، ولا يسمى به (قلت : وقد تقدم في كلام الشيخ تقي الدين معنى ذلك). الثاني: الصفة إذا انقسمت إلى كمال ونقص فلا تدخل بمطلقها في أسمائه، كالصانع والمريد ونحوهما،فلذا لم يطلق على نفسه من هذا إلا أكمله فعلًا وخبرًا، كقوله: الثالث: لا يلزم من الإخبار عنه بفعل مقيد أن يشتق له منه اسم، ولذا غلط من سماه بالماكر والفاتن والمستهزئ ونحو ذلك. الرابع: أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، دون ما يطلق من الأخبار. الخامس: الاسم إذا أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل إن كان متعديًا كالسميع والعليم. وإلا فلا كالحي. السادس: أسماؤه كلها حسنى، وأفعاله صادرة عنها، فالشر ليس إليه فعلًا ولا وصفًا، وإنما يدخل في مفعولاته البائنة عنه دون فعله الذي هو وصفه. إحصاء أسماء الله تعالى مراتب: الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها. الثانية: فهم معانيها ومدلولها. الثالثة: دعاؤه بها وهو مرتبتان: الأولى: دعاء ثناء وعبادة فلا يكون إلا بها. الثانية: دعاء مسألة فلا يسأل إلا بها ، ولا يجوز يا شيء يا موجود ونحوهما. السابع: أسماء الله الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا عد، كقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الثامن: من أسمائه ما يطلق عليه مفردًا ومقترنًا بغيره وهو غالبها كالسميع والبصير ونحوهما، فيسوغ أن يدعى ويثنى عليه ويخبر عنه مفردًا ومقرونًا، ومنها ما لا يطلق إلا مقرونًا بغيره، لكون الكمال لا يحصل إلا به، كالضار، والمنتقم، والمانع، فلا تطلق إلا مقرونة بمقابلها. كالضار النافع والمنتقم العفو والمانع المعطي، إذ كمال التصرف لا يحصل إلا به. قلت: لكن لو أطلق عليه من ذلك اسم مدح لم يمتنع فيسوغ أن يقال: العفو من دون المنتقم، كما ورد في القرآن الكريم، ومثله النافع والمعطي فإن هذه الأسماء تستلزم المدح والثناء المطلق، بخلاف المانع والمنتقم والضار على أن شيخ الإسلام رحمه الله ينكر تسمية الله بالمنتقم. ويقول: إن هذا لم يرد إلا مقيدًا، كقوله تعالى: التاسع: الصفات أنواع: صفات كمال، وصفات نقص، وصفات لا تقتضي واحدًا منهما وصفات تقتضيهما باعتبارين، والرب تعالى منزه عن هذه الثلاثة، موصوف بالأول، وهكذا أسماؤه أسماء كمال، فلا يقوم غيرها مقامها من صفات الإدراكات العليم الخبير دون العاقل الفقيه ، السميع البصير، دون السامع الباصر والناظر. ومن صفات الإحسان البر الرحيم، الودود دون (الرفيق) والشفيق ونحوهما. وهكذا سائر الأسماء الحسنى. العاشر: الإلحاد في أسمائه أنواع. الأول: أن يسمى به غيره من الأصنام. الثاني: أن يسمى بما لا يليق بجلاله كتسميته أبًا أو علة فاعلة. قلت : ومنه أن يسمى بغير ما سمى به نفسه. الثالث: وصفه بما ينزه عنه، كقول أخبث اليهود: إنه فقير. الرابع: تعطيلها عن معانيها وجحد حقائقها، كقول الجهمية: إنها ألفاظ مجردة لا تدل على أوصاف سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، وهكذا. الخامس: تشبيه صفاته بصفات خلقه تعالى الله عما يقول الملحدون علوًا كبيرًا. فائدة قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس قال: صدقوا وما يصنع الشيطان بقلب خراب؟! قال الشيخ تقي الدين رحمه الله في الفتاوى ج 2 ص 21: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله بذكر أو غيره لابد له من ذلك، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف كيد الشيطان عنه، إن كيد الشيطان كان ضعيفًا. وكلما أراد العبد توجهًا إلى الله تعالى بقلبه جاءه من الوسواس أمور أخرى فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله قطع الطريق عليه. وقال في كتاب الإيمان ص 147 في الطبعة الهندية: وكثيرًا ما يعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق، ثم يتوب الله عليه وقد يرد على قلبه بعض ما يوجب النفاق ويدفعه الله عنه. والمؤمن يبتلى بوسواس الشيطان وبوسواس الكفر التي يضيق بها صدره إلى أن قال: ولابد لعامة الخلق من هذه الوساوس فمن الناس من يجيبها فيصير كافرًا، أو منافقًا، ومن الناس من قد غمر قلبه الشهوات والذنوب فلا يجربها إلا إذا طلب الدين، ولهذا يعرض للمصلين من الوساوس ما لا يعرض لغيرهم، لأن الشيطان يكثر تعرضه للعبد إذا أراد أن ينيب إلى ربه ويتصل به ويتقرب إليه ويعرض للخاصة أهل العلم والدين أكثر مما يعرض للعامة. ويوجد عند طلاب العلم والعبادة من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم، لأنه لم يسلك شرع الله ومنهاجه، بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه وهذا هو مطلوب الشيطان بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة فإنه عدوهم يطلب صدهم عن الله. ا. هـ. كلامه ملخصًا رحمه الله ونسأل الله تعالى أن يعيذنا من عدونا عدو الإنس والجن إنه سميع عليم. فائدة: عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما برزنا من المدينة إذا راكب يوضع نحونا، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (كأن هذا الراكب إياكم يريد فانتهى إلينا الرجل فسلم فرددنا عليه. فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: من أين أقبلت؟ قال: من أهلي وولدي وعشيرتي قال: فأين تريد؟ قال أريد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. قال: فقد أصبته قال: يا رسول الله علمني ما الإيمان؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله ، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج البيت. قال: قد أقررت قال: ثم إن بعيره دخلت يده في شكة جرذان فهوى بعيره وهوى الرجل فوقع على هامته فمات. فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : علي بالرجل. فوثب إليه عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان فأقعداه، فقالا: يا رسول الله قبض الرجل، قال: فأعرض عنهما رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم قال لهما رسول الله عليه وسلم: أما رأيتما إعراضي عن الرجل فإني رأيت ملكين يدسان في فيه من ثمار الجنة فعلمت أنه مات جائعًا، ثم قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: هذا من الذين قال الله فيهم: وحملناه إلى القبر، فجاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى جلس على شفير القبر فقال: الحدوا ولا تشقوا فإن اللحد لنا والشق لغيرنا. رواه أحمد بن حنبل عن إسحق بن يوسف حدثنا أبو جناب عن زادان عن جرير. وفي الحديث دليل على أن الإيمان يطلق على الأعمال الظاهرة التي هي الإسلام. اللهم توفنا على الإيمان، وأحينا على سنة المصطفى من بني الإنسان، يا كريم يا رحمن يا حي يا قيوم.
|